خديجة حدوش ·
منذ 5 سنوات

تحت عنوان

ترى كيف هي قلوبكم؟ وماذا تصنع بها خيبات الأمل؟ في مقال سابق، كنت قد كتبت في الحزن وحول شعوره واضح المذاق، هذا الشعور السكري اللذيذ الدافئ الثقيل، كأنه شوكولاتة داكنة ذائبة تسري في الجسد وتسد منافذ النور فيه.
الحزن معتم، هادئ، له موجات مطوية ثقيلة من الوجع تأتي وتذهب دون إنذار، إلا أن للحزن كثافة تجعله يجلس مستقرا في قعر القلب، واضح المعالم مريح النكهة في ما يصاحبه من يأس ولا مبالاة.
خيبة الأمل هي أن تبذل جهدا تسرقه واسطة :
أما خيبة الأمل، تلك العدو اللدود، فهي غرائبية المذاق هلامية الوجود، ذات طعم لزج جاف لا نكهة واضحة فيه. خيبة الأمل ليست حزنا ولا ندما ولا غضبا، خيبة الأمل مزيج من هذه كلها، وخارج نطاق هذه كلها، ذات مذاق كأنه ذاك الذي لقطعة الحلوى القطنية التي تختفي قبل أن يظهر لها طعم في الفم، أو لربما هو ذلك الذي لقطعة قصب السكر التي بعد ثوان من لوكها تتحول إلى شرائح خشبية جافة مائعة لا ذكرى لسكريتها التي كانت قبل ثوان واختفت في أقل منها.
خيبة الأمل... شعور سخيف هي تلك الخيبة، فهي توحي بأن آمالك كانت أعظم من واقعك وأن تطلعاتك كانت أكبر من حجمك. خيبة الأمل (مع الاعتذار عن التعابير التي أصف بها نفسي لا القارئ) تشير لسذاجتك، لقلة خبرتك، ولغباء مشاعرك، تلك التي أطلقتها أنت في فضاء مثالي، لتتشكل وتتبلور بشكل غير واقعي وفي مساحة مثالية غير موجودة.
خيبة الأمل هي مؤشر على اختلال مقاييسك وانحراف توقعاتك، وعدم تعلمك الدرس، أنت كما أنت وخيبات الأمل كما هي، "فمتى أنجو من الأسر وتنجو؟ لست أدري"¹. خيبة الأمل هي أن تبذل جهدا تسرقه واسطة؛ أن تنتظر وعدا تنهبه مصلحة؛ أن تقول أحبك لمن لا يردها لك؛ أن تضحك في وجه من لا يعيدها إليك. خيبة الأمل هي أن تحرق السنوات وتبذل المحبات وتبني الآمال وتحفر في صخر الحياة لتصنع حبا وقربا وأمنا لا يتحققون؛ خيبة الأمل لعينة، سخيفة، ضارية، ولربما مهينة، لا حل معها إلا في حرق مصدرها: عمق قلبك.
حين يخيب أملك في العشرين، تعرف أن لديك فرصة أوسع في الثلاثين، وحين يخيب أملك في الثلاثين، تعرف أن فرصتك أنضج في الأربعين، أما حين يخيب أملك في الأربعين، تدرك حينها أنه نمط سلوكي ومشاعري، وأنك تدور دورة كاملة حول الآمال لتعود لذات نقطة البداية
تدرك أنك عطارد محترق حول الشمس أو فأر محبوس في مصيدة دائرية أو شخصية الزوجة في قصة شارلوت بيركنز جيلمان المعنونة "ورق الجدران الأصفر"² والتي في نهاية القصة يجدها زوجها وقد هبطت على ركبتيها وراحتي يديها وأخذت تدور وتدور حول غرفتها وكتفها الأيسر ملتصق بالحائط في مشهد مرعب جراء حبس زوجها لها في إجراء "طبي" كان يتخذ تجاه النساء حتى القرن التاسع عشر وكان يسمى "علاج الراحة" ـ ربما تكون هذه القصة موضوع مقال قادم. تدرك أنك عربة في لعبة دولاب الملاهي، أو سمكة في بحيرة مغلقة، في الأربعين ستدرك أنك، ولا مؤاخذة، وأنا وكلنا "عبيطين".
خيبة الأمل هي أن تنتظر وعدا تنهبه مصلحة :
كيف نتفادى خيبة الأمل؟ بأن نتوقف عن تشكيل التوقعات؟ وكيف نوقف تشكيل التوقعات؟ بأن نقطع حبال التمنيات؟ وكيف نقطع حبال التمنيات؟ بأن "نقطع الأورطي ونسيح دمه" على قولة الأحبة المصريين، لتنتهي التوقعات والتمنيات والحياة بأكملها، فحياتنا، بيولوجيا، مشروطة بالأمل، والأمل مشروط الأمنيات، والأمنيات بالتوقعات والتوقعات بالخيبات، وندور وندور في هذه الدائرة النفسية البيولوجية؛ بلاها لا نحيا وبها نموت كل يوم.
ترتيب حسب:
Karim El Hajjami
منذ 5 سنوات

جميل والله جميل واصلي المرجو من الله التوفيق

0 0 0

جميع الحقوق محفوظة © كاف 2024

All rights reserved © kaf 2024